أصبح أفضل هدافي نادي سبورتينج في القرن الواحد والعشرين قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلم طفولته، حيث مرت عشر سنوات فقط بعد أن غادر ليدسون عمله البسيط في أحد المحلات التجارية الكبرى وقرر دخول عالم كرة القدم الاحترافية. فقد أضحى اليوم دعامة أساسية لفريقه، وسلاحا خطيرا في هجوم المنتخب البرتغالي المقبل على خوض نهائيات كأس العالم جنوب إفريقيا FIFA 2010.
وقد اعتاد رواد ملعب ألفالادي في مدينة لشبونة على حمل لافتات تحتفي بليدسون، حيث يعتبره الشمجعون بمثابة "حلال العقد". إذ التحق هذا المهاجم الأوسط بصفوف سبورتينج قبل سبعة مواسم، وأضحى بفضل أهدافه وقتاليته الكبيرة نجم النادي بدون منازع ومحبوب أنصاره الأوفياء. لكن مسيرة ابن الثانية والثلاثين فريدة وعجيبة، وتزيدها فعاليته الكبيرة والنادرة مع ناديه ومع الكتيبة البرتغالية تفردا وغرابة.
لقد انقلبت حياة ليدسون رأسا على عقب سنة 1999، حيث كان يمارس إلى حدود هذه السنة كرة القدم مع نادي فالينسا الهاوي في ولاية باهية البرازيلية، وكان يعمل في نفس الوقت مساعدا في أحد المحلات التجارية الكبرى. كان آنذاك حلم المشاركة في كأس العالم ضربا من الخيال بالنسبة لليدسون، حيث كان أبعد من آلاف الكيلومترات الفاصلة بين البرازيل والبرتغال. ورغم كل ذلك، هاهو ليفيزينيو مقبل على لعب الأدوار الطلائعية مع رونالدو وباقي أعضاء الكتيبة البرتغالية في أول مونديال يُقام على أرض افريقية، وما عادت تفصله سوى 3 أشهر عن تحقق هذا الحلم.
كانت مشاركة ليدسون في أحد الدوريات المحلية بمثابة خطوته الأولى نحو عالم النجومية. إذ أثار اهتمام المتتبعين، وحصل في نهاية المطاف على إمكانية خوض اختبار في نادي بوسويس، وهو ما وافق عليه مهرولا بعد أن تم تسريحه من العمل في المحل التجاري. واستطاع ليدسون بعد ذلك الحصول على أول عقد احترافي في مسيرته، حيث التحق بداية بفريق كوريتيبا، ثم جاور فلامينجو وكورينتياس، قبل أن يلفت أنظار الأندية الأوروبية، ويحط الرحال بنادي سبورتينج بداية موسم 2003/2004.
شهدت أول مباراة لهذا اللاعب مع سبورتينج حادثا طريفا وفريدا. إذ وقع خطأ في كتابة اسم اللاعب على القميص 31، واعتقد الجميع أن اسمه "ليدزون". لكن هذا الأمر كان فأل خير على اللاعب وعلى الأنصار، ومازال البعض منهم يهتف بهذا الاسم أو يزين به الأعلام واللافتات عند الاحتفال بأفضل هداف في تاريخ النادي ضمن المسابقات الأوروبية UEFA.
مضت السنوات بسرعة، وتوالت أهداف هذا المهاجم، وازدادت شعبيته بين الأنصار. ثم حصل ليدسون على الجنسية البرتغالية بعد مقامه لأزيد من ست سنوات في البلد الواقع في أقصى الجنوب الغربي للقارة العجوز، فأصبح مؤهلا لتدعيم صفوف المنتخب الوطني. وقد أعطيت الفرصة لهذا اللاعب شهر سبتمبر/أيلول 2009، وبالضبط في مواجهة البرتغال للدانمرك في عقر دار هذا الأخير ضمن تصفيات كأس العالم FIFA، علماً أن أوضاع الكتيبة البرتغالية كانت صعبة ومعقدة حينها، وكانت الهزيمة ستنهي آمال كارلوس كيروش وأبنائه في بلوغ النهائيات. وقد كان المنتخب البرتغالي منهزما في ذلك النزال، عندما دخل ليدسون وسجل هدفا بالرأس أبقى باب التأهل مفتوحا على مسراعيه.
أنتظر المونديال بفارغ الصبر
التقى موقع FIFA.com ليدسون في مقابلة حصرية، واستقصى لكم تطلعاته وآماله من الكأس العالمية المقبلة. وقد افتتح هذا المهاجم الداهية الحوار بالقول: "أنتظر بداية كأس العالم بفارغ الصبر". ثم أضاف: "يحلم كل طفل عاشق لكرة القدم بخوض غمار كأس العالم يوما ما. وأنا لا أشكل أي استثناء من هذه القاعدة. رغم ذلك بذلت جهدا جهيدا وانتظرت كثيرا قدوم هذا الفرصة". لقد فتحت البرتغال أبواب منتخبها الوطني أمام هذا اللاعب البرازيلي الأصل، لذلك فهو يرغب اليوم في رد جزء من هذا الجميل، حيث قال في هذا الصدد: "أنا معجب جدا بالبرتغال وأحب هذا البلد كثيرا. لطالما أثر في حب الجمهور، لذلك فإن أفضل طريقة لتوجيه الشكر هي تسجيل الأهداف. وهذا ما أحاول فعله كلما دخلت أرضية الملعب".
لقد حملت الأقدار ليدسون من البرازيل إلى البرتغال، وهي الأقدار ذاتها التي أوقعت منتخبي البلدين في مجموعة واحدة ضمن نهائيات كأس العالم جنوب إفريقيا FIFA 2010. ولم يخف هذا المهاجم الأوسط أن ملاقاة منتخب مسقط رأسه سيشكل لحظة تاريخية وفريدة في حياته، وأقر: "سيكون طعم هذه المباراة مختلفا بطبيعة الحال. لقد ولدت في البرازيل، وأحب بلدي كثيراً، لكني سأبذل الغالي والنفيس لينتصر منتخب البرتغال. ستكون تلك الموقعة مباراة نهائي قبل الأوان، كما ينتظرها المتتبعون بشغف. ستكون تلك المباراة عرسا كبيرا".
وعندما سُئل عن طبيعة الأحاسيس التي ستغمره إذا سجل هدفا في شباك المنتخب البرازيلي، أجاب: "ستكون فرحتي كبيرة. وسأحتفل بطبيعة الحال، كما عهدت الاحتفال. لكني أتمنى مرور كل من البرتغال والبرازيل إلى الدور الموالي. وسيكون من الأفضل أن يلتقي الفريقان مجددا في المباراة النهائية. إذا حدث هذا الأمر، فسيصير أحد أحلامي حقيقة".
لكن التفكير في المباراة النهائية أمر سابق لأوانه بالنسبة لليدسون، إذ عليه بداية تخطي المجموعة السابعة بتعقيداتها، وإتمام هذا الموسم على أحسن وجه مع نادي سبورتينج. وقد أنهى حديثه مع موقع FIFA.com بالقول: "أتمنى البقاء في أفضل حال، وإنهاء الموسم بشكل جيد. الأمر الأكيد هو أني لن أذهب لجنوب إفريقيا للنزهة والسياحة".
لقد تحقق جزء من آمال هذا اللاعب نهاية الأسبوع الماضي، عندما سجل أربعة أهداف جميلة لصالح فريقه أمام نادي بيلينينسيس في عقر دار هذا الأخير، محققا رقما قياسيا جديدا في انتظار حلول موعد نهائيات جنوب إفريقيا.