أصبح اللاعبون الأمريكيون يتقاطرون بأعداد كبيرة على القارة العجوز، بعدما كانوا يعرفون بعشقهم الإكتفاء بأداء دور البدلاء فقط. ويبدو أن أوروبا وأكبر دورياتها أضحت تعترف الآن بقيمة وجدارة اللاعبين الأمريكيين، الذين برهنوا عن موهبة فذة تتطور يوماً بعد يوم. ويقربكم موقع FIFA.com من هؤلاء الأمريكيين ومن ظاهرة هجرتهم المتنامية للإحتراف خارج حدود بلاد العم السام.
يقضي حالياً لاندون دونوفان، الذي يعد أفضل لاعب أمريكي في جيله، فترة إعارته الثانية خلال سنتين في أحد أكبر الدوريات في أوروبا. فهو يلعب إلى جانب زميله ومواطنه حارس المرمى تيم هاورد في صفوف نادي إيفرتون بالدوري الإنجليزي الممتاز. وسرعان ما وجد صانع ألعاب أل إي جالاكسي السابق وأفضل هداف في تاريخ المنتخب الأمريكي لنفسه موطئ قدم في ملعب جوديسون بارك، معقل إيفرتون، وتمكن من ضمان مكانه الأساسي داخل الفريق وتسجيل أول هدف له ضد نادي سندرلاند، بعد أن أبلى البلاء الحسن في مباراة انتهت بالتعادل ضد آرسنال، وأخرى انتهت بفوز فريقه بهدفين نظيفين أمام مانشستر سيتي، حيث وقفت الجماهير الحاضرة لتحييه تحية الأبطال.
إنك تبذل أقصى ما تستطيع وتأمل بأن تحظى بفرصة الإنتقال إلى فريق كبير في أوروبا. ذلك أقصى ما يمكن للمرء أن يأمل بتحقيقه.
ريكاردو كلارك
وصرح سيمون بول، رئيس تحرير موقع NSNO.co.uk، وهو موقع مستقل خاص بمشجعي فريق إيفرتون، لموقع FIFA.com قائلاً: "إن أخلاقه [دونوفان] المهنية تنسجم تماماً مع أخلاق الفريق وأخلاق دافيد موييس. كما أن عدم اعترافه باليأس قد أضاف عنصراً مهماً لشخصية الفريق القوية. إن لديه قدرة غريزية في التعامل مع الكرة وكثير من محبي إيفرتون يتمنون أن يصبح عقد إعارته عقداً دائماً."
لقد كانت تجربة إعارته لإيفرتون هذه أكثر نجاحاً من فترة إعارته القصيرة التي قضاها مع العملاق الألماني بايرن ميونيخ سنة 2009، حيث فشل في ضمان مقعد أساسي داخل تشكيلة الفريق فبقي خارج دائرة النجوم التي تحظى بإعجاب المشجعين البافاريين. وقد صرح لموقع FIFA.com على هامش منافسات كأس القارات FIFA التي احتضنتها جنوب أفريقيا في يونيو/حزيران الماضي: "إن الهجرة للإحتراف خارج الوطن ليست أفضل فكرة بالنسبة للاعبين الأمريكيين. فذلك يتوقف على كل لاعب على حدة وعليه أن يتأكد أن تلك الخطوة التي أقدم عليها مناسبة له. إن هاجر اللاعب، فعليه أن يلعب. إن اللاعب لا يخدم نفسه ولا منتخب بلاده بالذهاب إلى أوروبا والجلوس على دكة الإحتياط."
وكان المنتخب الأمريكي قد أدهش الكثير من المتتبعين في بطولة كأس القارات عندما ألحق الهزيمة بالمنتخب المصري، بطل أفريقيا، والمنتخب الأسباني، صاحب المركز الأول عالمياً، قبل أن يمنى بهزيمة صعبة أمام البرازيل في المباراة النهائية.
ويعد ريكاردو كلارك واحداً من الأسماء التي شاركت في تشكيلة منتخب الولايات المتحدة خلال مهرجان النجوم قبل أن يهاجر ليجرب حظه خارج التراب الأمريكي. فقد أدهش كل المتتبعين بتدخلاته الحاسمة وبرباطة جأش أبان عنها خلال موقعة نصف النهائي المثيرة التي دارت رحاها في روستنبرج وانتهت لمصلحة المنتخب الأمريكي على حساب نظيره الأسباني.
وكان لاعب الوسط هذا، الذي يبلغ من العمر 26 عاماً، يلعب في صفوف فريق هيوستن دينامو الذي فاز رفقته بلقب الدوري الأمريكي لكرة القدم مرتين. وقد سارع فريق إينتراخت فرانكفورت الألماني لضمه لصفوفه في أواخر فترة الإنتقالات لشهر يناير/كانون الثاني الماضي.
وبهذا الإنتقال التحق كلارك بزميله في البوندسليجا ستيف تشروندولو – الذي يدافع عن ألوان نادي هانوفر 96. ومن ملعب رويال بافوكنج، كان كلارك قد أكد لموقع FIFA.com في يونيو/حزيران الماضي، وهو في قمة تألقه بعد الأداء الرائع أمام أبطال أوروبا، أن "اللاعب يسعى على الدوام لتحسين مستواه في كل مباراة يخوضها. إنك تبذل أقصى ما تستطيع وتأمل أن تحظى بفرصة الإنتقال إلى فريق كبير في أوروبا. ذلك أقصى ما يمكن للمرء أن يأمل في تحقيقه."
ولسوء حظ هذا اللاعب الذي ينحدر من أتلانتا، تأجلت أول فرصة له لتأكيد مهاراته في الملاعب الأوروبية بعض الوقت بسبب إصابة ألمت به على مستوى بطن الساق والتي ستبعده عن الميادين لأربعة أسابيع.
كما يعد ستيوارت هولدن، الذي يعاني أيضاً من لعنة الإصابة، من بين عناصر مدرب المنتخب الأمريكي بوب برادلي الشابة والواعدة التي قد تظهر ضمن تشكيلة الفريق الأول. وهو لاعب وسط متعدد المواهب، إذ يستطيع أن يتألق في المساحات الشاسعة والضيقة على حد سواء. وقد التحق هذا اللاعب الزئبقي، الذي ولد في اسكتلندا ويبلغ من العمر 24 سنة، الأسبوع الماضي بصفوف نادي بولتون في الدوري الإنجليزي الممتاز. وقال المدير الفني (لبولتون) أوين كويل في حق لاعب فريق هيوستون دينامو السابق، الذي سيظل رفقة النادي الإنجليزي إلى نهاية الموسم الحالي: "لقد أبلى البلاء الحسن في أمريكا، وبعد عطلة قصيرة، جاء إلى هنا وخاض بعض التدريبات. ما من شك أن لديه موهبة فذة تكشف عن نفسها عندما يستعيد كامل لياقته سيكون في كامل جاهزيته. من المؤكد أنه سيحصل على فرصته كباقي اللاعبين."
تطور حثيث
إن هذا الثلاثي من اللاعبين الأمريكيين الذين اختاروا التحليق نحو دوريات أجنبية سيشكل لا محالة بداية تيار جديد أصبح يتزايد بثبات خلال العقدين الأخيرين، مواكباً بذلك المكانة التي أصبحت تتبوؤها كرة القدم الأمريكية في الهرم الكروي العالمي. فبعد أن التحق جون هاركس بصفوف نادي شيفيلد وينزداي لخوض تجربة فريدة في الدوري الإنجليزي سنة 1990، أصبح عدد اللاعبين الأمريكيين الذين يسعون لتجربة حظهم في دوريات أجنبية أخرى في تصاعد مستمر. وقد وقع مؤخراً اللاعبان أوجوشي أونييوو وتشارلي دافيس لناديي إي سي ميلان الإيطالي العريق وسوشو الفرنسي على التوالي بعد الأداء الملفت الذي قدماه في كأس القارات FIFA التي احتضنتها جنوب أفريقيا العام الماضي. ويشكل هذان اللاعبان مصدر قلق كبير للمدرب برادلي بسبب تعرضهما للإصابة والتي قد تؤثر على مشاركتهما في كأس العالم ببلاد مانديلا.
وإلى جانب دونوفان، يقدّم نجوم المنتخب الوطني كلينت ديمبسي (فولهام) وحارسا المرمى براد جوزان (أستون فيلا) وماركوس هانيمان (وولفرهامبتون)، إضافة إلى جاي ديميريت (واتفورد) وجوناثان سبيكتور (ويستهام) وجوزي ألتيدور (هال سيتي) أداء رائع في الدوري الإنجليزي الممتاز. ويلعب كابتن منتخب بلاد العم سام كارلوس بوكانيجرا في صفوف نادي رين الفرنسي بعد أن قضى فترة مع فريق فولهام في قلعة كريفن كوتاج، في حين التحق داماركوس بيسلي ولاعب الوسط الزئبقي ماوريس إيدو بالعملاق الأسكتلندي جلاسكو رينجرز. وقد رحل كل من إيدي جونسون وفريدي أدو، اللذان مرا بأوقات عصيبة بعض الشيء في إنجلترا والبرتغال على التوالي، في إطار صفقة إعارة إلى نادي أريس ثيسالونيكي اليوناني على أمل استرجاع مكانتهما ضمن تشكيلة برادلي، قبل أن يدخل تعديلاته الأخيرة على القائمة التي ستخوض مرة أخرى غمار أكبر عرس كروي عالمي الذي سينطلق في يونيو/حزيران القادم.
الجمعة مارس 26, 2010 4:41 pm