يُعد ستيفان جيرارد أحد نجوم الجيل الذهبي الجديد في كرة القدم الإنجليزية الحديثة، والذي يزخر بأسماء رنانة مثل فرانك لامبارد وجون تيري وديفيد بيكهام، حيث ترى الجماهير المحلية في المنتخب الحالي فرصة ذهبية للفوز بإحدى البطولات الدولية الكبرى منذ أن تُوج بلقب كأس العالم 1966 FIFA.
وعلى امتداد سنوات تألقه مع ناديه الأم ليفربول، رفع ابن التاسعة والعشرين ربيعاً كأس الاتحاد الإنجليزي ولقب دوري أبطال أوروبا UEFA وكأس الإتحاد الأوروبي، ليصبح بذلك أحد رموز قلعة آنفيلد رود حيث باتت تطلق عليه جماهير الريدز لقب "القائد العظيم".
ولكن كابتن ليفربول ومعشوق جماهير النادي مازال لم يحقق أي شيء يُذكر في مشواره الدولي رفقة المنتخب الإنجليزي، باستثناء المسيرة الناجحة في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم جنوب أفريقيا 2010 FIFA، حيث بات يمني النفس في مواصلة العزف على إيقاع الإنتصارات في أول عرس كروي عالمي تستضيفه القارة السمراء على أرضها وبين جماهيرها العاشقة للساحرة المستديرة.
وقد أكد جيرارد في حديث خص به موقع FIFA.com أنه استوعب دروس الماضي جيداً واستخلص العبر من مشاركته السابقة في نهائيات 2006 بألمانيا، مستحضراً الضغط النفسي الذي ألقى بظلاله على لاعبي منتخب الأسود الثلاثة عند خوض ركلات الترجيح، موضحاً في الوقت ذاته صعوبة المنافسة في المجموعة التي وقعت فيها إنجلترا في نهائيات 2010 التي تحتضنها بلاد مانديلا.
FIFA.com: مازالت الجماهير تتذكر تلك الركلة التي أضعتها خلال سلسلة الضربات الترجيحية في المباراة التي انتهت بخسارة إنجلترا على يد البرتغال في نهائيات 2006، ما هي الدروس التي استخلصتها من تلك التجربة؟
ستيفان جيرارد: بما أنني أضعت تلك الركلة الترجيحية، أعتقد أني سأكون أكثر تركيزاً في المرة القادمة وسآخذ كامل وقتي قبل التسديد. هذا ما استخلصته من تلك التجربة، وسأعمل على تحسين هذا الجانب أكثر فأكثر خلال الحصص التدريبية حتى أكون على ثقة من أمري كلما وجدت نفسي أمام مثل هذه الحالات. لقد مر كل شيء بسرعة البرق في 2006 وأحسست حينها أنه كان يتعين علي أن أركز أكثر وأن آخذ وقتاً أكثر قبل التسديد.
ماذا يدور في مخيلتك عندما تتقدم لتسديد ركلة جزاء؟
يتملكك ضغط كبير حينها، لكن مهمتنا تقتصر في الواقع الأمر على التعامل مع الضغط والتغلب عليه، وهذا بالضبط ما فشلت في تحقيقه في 2006. وإذا وجدت نفسي في وضعية مماثلة الآن فإنني سأتعامل معها بشكل مختلف تماماً، إذ سأتعامل مع الضغط بشكل أفضل. لكن ذلك ليس سهلاً على الإطلاق، لأن الأمر لا يتعلق بتسديد ركلة جزاء عادية، بل إنه يتعلق بمسؤولية جسيمة ملقاة على كاهلك، إذ تدرك حينها أن كل الجماهير تشاهدك وتعلق آمالها عليك، لكن الأخطاء تقع عندما يكون المرء منهكاً ويئن تحت ضغط شديد. وهذا بالضبط ما حصل سنة 2006.
لقد أشرت إلى التعب الذي نال منك في ضربات الترجيح، وماذا عن الوقت الإضافي؟ كيف تكون أجساد اللاعبين ومعنوياتهم عندما يتم تمديد زمن المباراة إلى شوطين إضافيين؟
إنك تحس بتعب شديد وتشعر وكأن قواك قد انهارت بشكل كامل، وكل ما تطمح إليه هو سماع صافرة النهاية، لكنك مطالب في المقابل بالصمود والتركيز حتى الرمق الأخير. إنها تجربة صعبة لأن المباريات تسير بإيقاع سريع ومرتفع في هذا المستوى من المنافسات، مما يعني أن قواك وطاقاتك تنهار بمجرد أن تنتهي الدقائق التسعون. إن الأخطاء تحدث بالجملة خلال الوقت الإضافي، حيث ينال منك التعب جسدياً ومعنوياً، مما يفسر الإيقاع البطيء الذي تسير عليه الأمور في تلك الحالات.
دعنا ننتقل للحديث عن الحاضر. ما هو تقييمك لحصيلة التصفيات المؤهلة لكأس العالم جنوب أفريقيا 2010 FIFA؟
إذا تمعنت في مسيرتنا طوال التصفيات فستجد في الحصيلة الإجمالية أننا أبلينا البلاء الحسن وكنا في مستوى التطلعات، إذ لم يقتصر تألقنا ونجاحنا على لحظة معينة، بل استمر ذلك منذ البداية وحتى النهاية. لقد أصبح من الصعوبة بمكان هزم فريقنا كما قدمنا بعض العروض الرائعة على مدى التصفيات. والمهم هو أننا مازلنا نعمل بجد ودون كلل أو ملل من أجل تحسين مستوانا أكثر فأكثر قبل دخول غمار كأس العالم، إذ مازال الطريق أمامنا طويلاً.
برأيك، كيف سيكون أداء فابيو كابيلو في أول مشاركة له كمدرب في كأس العالم FIFA؟
سيضيف الكثير من الأمور الإيجابية للفريق من دون شك. إنه يملك عقلية الفوز ولديه خبرة واسعة في مجال التدريب ناهيك عن سجله الشخصي الحافل بالألقاب والإنجازات. إنه يعرف كيف يزرع روح الفوز والإنتصار في نفوس لاعبي الفريق، ونحن نمني النفس في أن يُكلل كل ذلك بالنجاح في هذه البطولة.
ما هي المهام والمسؤوليات التي تضطلع بها داخل هذا الفريق؟ ماذا يطلب منك المدرب كابيلو بالضبط؟
إنه يريدني أن ألعب بكل حرية، إذ يحفزني على أخذ المبادرة فوق الملعب. صحيح أني غالباً ما أنطلق من الجهة اليسرى، لكنه لا يريدني أن ألزم مركزاً واحداً بشكل ثابت، بل يطلب مني أن أتحرك في مختلف أرجاء الملعب على الدوام وأن أخلق بعض المشاكل على مستوى تموضع دفاع الفريق المنافس وذلك من خلال التوغل في بعض المناطق التي يسعى الخصم لإبقائي بعيداً عنها.
أنت تحمل شارة الكابتن في نادي ليفربول، بينما يقتصر دورك في صفوف المنتخب الإنجليزي على نائب الكابتن فقط. ما الفرق إذن بين الإضطلاع بدور القائد من عدمه؟ هل تحس بضغط أقل عندما لا تحمل شارة القائد؟
إطلاقاً. إن الأمر لا يختلف أبداً، فعندما أدافع عن قميص المنتخب الوطني دون حمل شارة الكابتن فإني ألعب بنفس الحماس والتركيز والطريقة كما لو كنت أضعها على كتفي، إذ أسعى دائماً لأن أكون قائداً فوق أرضية الملعب وقدوة للاعبين كذلك، فكل ما أسعى إليه هو مساعدة زملائي والقيام بواجبي على الوجه الأمثل. صحيح أن حمل شارة الكابتن شيء جميل ومصدر فخر واعتزاز، لكن عدم حملها لا يثنيك عن القيام بمهامك كما يجب.
تعلق الجماهير الإنجليزية كل آمالها على الجيل الحالي من اللاعبين للفوز بلقب كأس العالم FIFA، فهل يشكل ذلك عبئاً كبيراً على كاهلكم؟
إذا كنا نستحق الدفاع عن ألوان المنتخب الوطني الإنجليزي فإنه يتوجب علينا أن نكون عند حسن تطلعات الجماهير وأن نعرف كيف نتعامل مع الضغط الناتج عن حمل هذا القميص. الكل في إنجلترا، من صحافة وإعلام وجمهور، يتطلعون لإنجاز تاريخي، إذ باتت الآمال المعلقة علينا كبيرة للغاية، ولذلك فإنه من الضروري علينا كلاعبين أن نعرف كيف نتعامل مع هذا الوضع على النحو الأمثل.
يرى بعض المراقبين أن قرعة نهائيات جنوب أفريقيا 2010 وضعت المنتخب الإنجليزي في مجموعة سهلة نسبياً بالمقارنة مع منتخبات أخرى. ما ردك على ذلك؟
إننا سعداء بنتيجة القرعة في واقع الأمر. ونحن واثقون من قدرتنا على التأهل إلى الدور الثاني، لكن يتعين علينا في الوقت ذاته أن نكن كل الإحترام لخصومنا. فكل الفرق التي تأهلت لكأس العالم تتمتع بإمكانيات عالية بعدما حققت نتائج باهرة في التصفيات، علما أن المنتخبات الثلاثة التي أوقعتنا القرعة إلى جانبها (الجزائر وسلوفينيا والولايات المتحدة الأمريكية) ستسعى بكل ما أوتيت من قوة لهزم المنتخب الإنجليزي. ندرك جيداً أن مواجهتنا ستكون بمثابة مباراة العمر بالنسبة لهم، مما يحتم علينا أن نكون في قمة عطائنا وتركيزنا إن أردنا تحقيق الإنتصار.
ستشكل مباراتكم أمام الولايات المتحدة فرصة لمقابلة بعض اللاعبين الأمريكيين المحترفين في الدوري الإنجليزي الممتاز، وعلى رأسهم جوزي ألتيدور المتألق في صفوف هال سيتي. كيف تقيم أداء هذا اللاعب وكيف سيتعامل معه زملاؤك في المنتخب الإنجليزي؟
إنه مهاجم طويل القامة وقوي البنية، وغالباً ما يلعب كرأس حربة في الخط الأمامي. إنه يحب الركض خلف المدافعين وإرباكهم، مستعيناً في ذلك بلياقته البدنية العالية وقامته الفارعة، مما يحتم على مدافعي المنتخب الإنجليزي التزام كل الحيطة والحذر للتصدي له وإحباط محاولاته الهجومية. إن منتخبنا يزخر بعدد من المدافعين الأشداء، لكننا سنكون مطالبين بشل حركته بالكامل، فإذا منحناه بعضاً من الوقت والمساحة فإنه سيكون قادراً على إلحاق الأذى بفريقنا.
بالعودة إلى بطولات كأس العالم السابقة، من هم اللاعبون الذين كنت تطمح إلى السير على خطاهم عندما كنت طفلاً صغيراً؟ ومن هم اللاعبون الذين نالوا إعجابك أكثر من غيرهم؟
إن زين الدين زيدان، قائد المنتخب الفرنسي (السابق) هو لاعبي المفضل على مر العصور. إذ ينتابك شعور غريب لمجرد رؤية طريقة تحركه فوق أرضية الملعب وكيفية استلام الكرة ومراقبتها ولمساته الساحرة في فن التمرير، إذ يتملكك إحساس مليء بالشوق والشغف والسرور. إنك تتعلم منه الكثير فقط من خلال متابعته، إنه داهية وعبقري. أما على الصعيد الإنجليزي، فإن جازا (بول جاسكوين) يبقى النجم المفضل دون منازع. أحب مشاهدة اللاعبين الموهوبين، وجازا واحد من أبرز اللاعبين الموهوبين الذين شهدتهم كرة القدم الإنجليزية على الإطلاق.
خاض بول جاسكوين نهائيات كأس العالم إيطاليا 1990 FIFA إلى جانب جاري لينيكر الذي أحرز جائزة الحذاء الذهبي في دورة المكسيك 1986. كيف تقيم مسيرته كلاعب وماذا تظن بخصوص أسلوبه في اللعب؟
لقد اقتصر أسلوبه على تسجيل الأهداف فقط، حيث كان يتموضع في المكان المناسب وفي الوقت المناسب، فقد كان دائماً يتصيد الفرص على مقربة من مرمى الخصم، إذ سجل العديد من أهدافه من داخل منطقة الجزاء. إنني أعتبر جاري لينيكر أسطورة كروية بامتياز. لقد شاهدته يلعب وأنا في سن صغيرة، حيث أعجبت كثيراً بأهدافه الساحرة في نسختي 1986 و1990. إن إنجازاته تجعل المرء يقف احتراماً وإجلالاً لتحيته، لأن أصعب ما يمكن القيام به في كرة القدم هو تسجيل الأهداف، لكن فطرته كانت تساعده على التموضع بشكل مثالي في المكان المناسب وفي الوقت المناسب.