يشهد المنتخب الوطني موجة إصابات غير مسبوقة، لا زالت تضرب صفوفه منذ أشهر، وكانت بمثابة امتداد للمرحلة الصعبة التي عاشتها النخبة الوطنية قبيل الجولة الأخيرة من التصفيات المؤهلة لكأسي إفريقيا والعالم 2010، أمام المنتخب المصري في العاصمة المصرية القاهرة، عندما سقط لاعبو المنتخب الوطني تباعا بين فكي الإصابة، قبل أن تكمل اعتداءات القاهرة السلسلة، ليجد الطاقم الفني لـ''الخضر'' نفسه في وضع حرج للغاية.
بالرغم من خروج ''الخضر'' غانمين من المعركة التي خاضوها مع الإصابات المتلاحقة، وتأهلهم إلى نهائيات كأس العالم التي ستحتضنها جنوب إفريقيا الصيف المقبل، إلا أن ثمة ''معارك'' أخرى تنتظر الطاقم الفني بقيادة المدرب رابح سعدان على مختلف الأصعدة، في سبيل الاستعداد للمشاركة في المونديال، بعد أن أثخنت الإصابات التشكيلة الوطنية في المدة الأخيرة، فضلا عن حاجة ''الخضر'' إلى تدعيم نوعي على مستوى كافة الخطوط.
لعنة الإصابة تطارد 13 لاعبا
منذ مباراة أم درمان الشهيرة يوم 18 نوفمبر الماضي، طالت الإصابات 13 لاعبا، منهم من فقد مكانته في ناديه، ومنهم من يصارع لأجل افتكاك مكانة أساسية، ومنهم من أبعد تماما عن حسابات المدرب، ومنهم من ينتظر عودته بفارغ الصبر إلى صفوف المنتخب، ومنهم أيضا من فقد الأمل في الظهور مع ''الخضر'' في مونديال جنوب إفريقيا بسبب الإصابة أو نقص المنافسة.
أول من عانى من الإصابة هو المدافع رفيق حليش الذي لعب كذلك في لقاءي القاهرة وأم درمان، وتجددت إصابته بعدها في تدريبات فريقه ناسيونال ماديرا قبل أن يستعيد عافيته، وظلت آثار الإصابة تلاحق كلا من كريم زياني وعنتر يحيى ومراد مغني ومجيد بوفرة وحسان يبدة الذين عادوا إلى أنديتهم مصابين، قبل أن تنتقل العدوى إلى زملائهم خلال كأس أمم إفريقيا إلى الحارسين لوناس فاواوي وفوزي شاوشي، فالأول غادر الدورة قبل أن تبدأ، والثاني تلقى إصابة بليغة على مستوى الرقبة في مباراة كوت ديفوار، جعلته يغيب عن فريقه وفاق سطيف بعد نهاية المنافسة الإفريقية. وامتدت الإصابة أيضا إلى المهاجم رفيق صايفي الذي أصيب في مباراة مالي بعد دخوله احتياطيا، وفي ذات المباراة تحطمت آمال المهاجم ياسين بزاز في لعب المونديال بعد أن تلقى إصابة بليغة في ركبته، جعلته ينهي الموسم قبل الأوان. ولا يزال صانع ألعاب نادي لازيو روما مراد مغني يعاني من آثار الإصابة التي طالته بعد مباراة رواندا في التصفيات يوم 13 أكتوبر، حيث تحامل اللاعب على نفسه وأكمل التصفيات، وعاود الكرّة أيضا من خلال مشاركته في كأس إفريقيا الأخيرة، حيث لعب مصابا أيضا، قبل أن تتفاقم إصابته مؤخرا، ليتم نقله إلى العاصمة القطرية الدوحة للعلاج، وسط مخاوف من عدم لحاقه بالمونديال، شأنه شأن صخرة دفاع غلاسكو رانجرز مجيد بوفرة، الذي لا يزال يعاني من آثار الإصابة التي تعرض لها قبل مواجهة مصر، حيث عاودته الآلام قبل أسبوعين بالرغم من أنه لعب عدة مباريات مع فريقه. وعاني مدافع نادي بوخوم الألماني، عنتر يحيى، كثيرا من الإصابة التي طالته أيضا قبل مواجهة مصر، حيث غاب عن الميادين قرابة أربعة أشهر، قبل أن يعود للعب بصفة غير منتظمة، على غرار زميله كريم زياني الذي عاش نفس الوضعية تقريبا. وتلقى عامر بوعزة، مهاجم بلاكبول، إصابة أيضا على مستوى الأربطة، جعلت الطاقم الفني لـ''الخضر'' يستغني عنه في المباراة الودية الأخيرة أمام صربيا، وهو مهدد بالغياب أيضا عن المونديال بسبب تراجع مستواه. وبدرجة أقل، تعرض مهاجم بوريسيا مونشنغلادباخ، كريم مطمور، إلى الإصابة أيضا بعد نهائيات كأس أمم إفريقيا، قبل أن يعود في المباريات الأخيرة لفريقه.
بلحاج آخر الضحايا
صدمت الجماهير الجزائرية، ومعها جمهور نادي بورتسموث الإنجليزي، نهاية الأسبوع الماضي، بعد أن تلقت خبر إصابة اللاعب المتألق نذير بلحاج في تدريبات الفريق التي سبقت مباراة تشيلسي. وسيغب بلحاج عن الميادين 3 أسابيع على الأقل، وسيبدأ العلاج في مستشفى ''اسبيتار'' القطري على غرار زميليه مغني وبوفرة، على أمل استرجاعه سريعا. وتمثل إصابة بلحاج ضربة موجعة لـ''الخضر''، خاصة أنه أضحى الوحيد من لاعبينا الذي يشارك بانتظام مع ناديه، فضلا عن تألقه في المباريات الأخيرة، كما أن المدرب الوطني رابح سعدان لم يجد لحد الساعة لاعبا يخلفه في منصبه. وبدرجة أقل يواصل حسان يبدة أيضا علاجه من الإصابة هو الآخر، ومن المرتقب أن يعود قريبا إلى الميادين.
ولم يسلم اللاعب العائد إلى ''الخضر''، عمري شادلي، صانع ألعاب نادي ماينز الألماني، من الإصابة أيضا، وغاب عن الميادين في بداية الشهر الجاري، قبل أن يستعيد عافيته سريعا ويشارك في اللقاء الأخير احتياطيا أمام فولزبورغ. والأمر المثير للغرابة أن شادلي لم يلعب مع ''الخضر'' حوالي عامين، وكانت عودته غير موفقة بسبب إصابته بنزلة برد حادة في المباراة الودية أمام صربيا، ولم يشارك في أي دقيقة منها. وأغرب من ذلك، فإن الوافد الجديد إلى النخبة الوطنية، مهدي لحسن، لاعب وسط نادي راسينغ سانتاندير الإسباني، والذي تردد كثيرا في اللعب للجزائر، أصيب هو الآخر في أول مباراة له بألوان الجزائر. والمثير في الأمر أن لحسن يعد من اللاعبين القلائل في البطولة الإسبانية الذين لعبوا كل المباريات مع نواديهم، ولم يضيع لحسن أية دقيقة مع فريقه، قبل أن تتوقف مغامرته مع أول مباراة لعبها مع المنتخب الجزائري. ومنذ مطلع مارس أضحى لحسن لا يشارك بانتظام مع فريقه وبدأ يفقد شيئا فشيئا مكانته الأساسية.
ولا يختلف حال لحسن عن حال كل من كريم زياني، عنتر يحيى، كريم مطمور، مراد مغني وعامر بوعزة، وحتى كمال غيلاس المبعد من صفوف ''الخضر'' منذ مباراة أم درمان.
وتكهربت الأوضاع بين يحيى ومدربه في بوخوم، وبين زياني ومدربه في فولزبورغ، بعد أن أضحيا خارج حسابات مدربيهما. ويوجد غيلاس بعيدا عن التشكيلة الأولى لفريقه هال سيتي منذ أشهر، وأضاف ذلك مشكلا آخر لسعدان الذي كان ينتظر على الأقل استعادته تحسبا للمونديال، ونفس الأمر تقريبا ينطبق على مغني الذي يبدو أنه أنهى الموسم الكروي مبكرا، خاصة وأن فريقه لازيو لن يعتمد عليه بسبب ابتعاده الطويل عن المنافسة. وبالرغم من عدم تعرض قائد المنتخب الوطني يزيد منصوري لإصابات بليغة، إلا أنه يعاني الأمرّين في فريقه لوريون بسبب عدم اعتماد المدرب عليه، حيث أضحى آخر اختياراته بالنظر لتوظيفه احتياطيا.
وبدرجة أقل، يمكن لبوعزة استعادة توازنه عند جاهزيته وتعافيه الكلي من الإصابة، كون مدربه في بلاكبول كثيرا ما يعتمد عليه، شأنه في ذلك شأن مطمور الذي عرف كيف يستغل إصابة زميله في الفريق، الأمريكي برادلي، كي يثبّت مكانته في التشكيلة الأساسية لغلادباخ بعد ظهوره بمستوى متميز أول أمس.
جماهير مصدومة تنتظر... ''إصابة سعدان''
بقدر ما أسعد تأهل المنتخب الوطني للمونديال الجماهير، بقدر ما كانت تعاستهم أكبر إثـر تعرض أعمدة الفريق للإصابات. وبالرغم من الصدمة في نفوسهم، إلا أن أحاديث الجماهير لم تخل من الفكاهة والمزاح، حيث ينتظرون في كل مرة على من يأتي الدور. وفي هذا السياق ثمة نكت يتداولها المشجعون فيما بينهم هذه الأيام، ومع توالي إصابة لاعبينا المحترفين، تحول الأمر إلى سخرية من طرف المشجعين، كما أن بعضهم أضحى لا يصدق حتى الأخبار التي تنشرها الجرائد والمواقع الإلكترونية الرياضية، ووصل البعض إلى حد ترقب إصابة لاعب آخر، بصفة يومية، مثلا... إصابة لاعب وسط نادي سوشو رياض بودبوز على مستوى الوجه مؤخرا تحولت إلى نكتة، وقيل في هذا الصدد إن بودبوز أصيب حتى قبل أن يتم ضمه للمنتخب الوطني، وأصبح مشجعونا أيضا ينتظرون نهاية أي لقاء كي يعرفوا من تعرض للإصابة، وليس كما جرت العادة أن يعرفوا من سجل أو تألق، ولم يسلم المدرب الوطني رابح سعدان من مزاح الأنصار خاصة وأنهم كثيرا ما رجّحوا تعرضه إلى إصابة هو الآخر، في ظل اللعنة التي تطارد كل من ينتمي للمنتخب الوطني.